أم البطل

الجيش المصري

سجلت معارك رمضان 1393 هـ - أكتوبر 1973 م كثيرا من البطولات التي كتبت للتاريخ بدماء الشهداء صفحات من التضحية، تضاف إلى أمجاد أمتنا العربية، وتبقى على الأيام منارة تهدى شباب العرب فى كفاحهم ونضالهم.
وقصيدة أم البطل تعبر عن ذلك ..



ذهبت تسائل عن فتاها * * * لهفى يسابقها أساها
السهد أضناها، ونار * * * الشوق يحرقها لظاها
وتكاد لولا الكبر * * * والإيمان. تهمي مقلتاها
*  *  *
بالأمس ودعها، وهب * * * يحث للساح المسيرا
وتعاهدا أن سوف يكتب * * * بالدم النصر الكبيرا
أتراه وفى ندره * * * أم أنه أمسى أسيرا؟
*  *  *
قالت سأسأل من أراه * * * ليطمئن الآن قلبي
قالوا: أتعنين الفتى * * * المغوار؟ قالت إى وربى
قالوا رأيناه بوجهك * * * إن وجهك عنه ينبى
*  *  *
رأت الجراح بصدره * * * فاستبشرت تختال كبرا
كانت جراح الصدر * * * تهتف إنني وفيت ندرا
إني - وربك - لم أدر * * * يا أم للأعداء ظهرا
*  *  *
فدنت تقبله، فقالوا: * * * ملتقاكم فى الخلود
قالت: ودمع الفرحة * * * الكبرى تلألأ فى الخدود
حسبي إذا ذكر الشهيد * * * بأنني أم الشهيد
-----------------

يحكى الشاعر قصة أم البطل:

- لقد كانت الأم تهفو إلى ابنها البطل لاهفة حزينة، وساهدة مضناة؛ فقد نال منها الأرق، وأحرقها الشوق بناره، حتى كادت لولا الحياء والإباء تبكى حنينا إليه، وأسى عليه؛ ولذلك مضت تسأل عنه، وتتنسم أخباره.

- وزاد فى حنينها ولهفتها أن ابنها قد ودعها، وهو ذاهب إلى ساح القتال، وعاهدها أن يكتب بدمه الزكي النصر لوطنه ولأمته. وكانت شديدة الحرص على معرفة مصيره: أوفى بعهده، وحقق النصر لبلده، أم أنه أمره صار إلى مذلة الأسر؟

- لقد أصرت أم البطل على أن تعرف مآل ابنها، فمضت تسأل عنه كل من تلقاه من رفقاء النضال، وأخذت تتفقده بينهم، لعلها أن تجده، فتقر نفسها، ويسكن فؤادها، فكانوا يسألونها: أتعنين بسؤالك الفتى الشجاع الذى  يظهر فى وجهك سمته وشكله، وتنم ملامح وجهك على جرأته وشجاعته؟ فتجيبهم: هذا ما أعنيه..

- وحانت منها التفاتة، فرأت الجراح أوسمة على صدر ابنها البطل، فعلا وجهها البشر، وتملكها الاعتزاز والفخر، وخيل إليها أن جراح ابنها تناديها. أماه لقد وفيت بعهدى، وأديت حق وطني فى عزم وإقدام، فلم أضعف ولم أفرّ تاركا ظهري للأعداء، وها هي ذي أوسمة الجرح فى صدري شاهدة على وفائي بوعدي.

- فهاجها الإعجاب به واقتربت منه تعانقه، وتقبله، ولكن قيل لها: سيكون لقاؤكما فى دار الخلود، فما تخاذلت الأم وما وهنت، بل قالت فى شجاعة ودموع الفرحة باستشهاد بطلها تترقرق على خديها: يكفيني فخارا وشرفا - إذا ما تحدث الناس عن شهدائنا الأبطال، وعن أعمالهم المجيدة، وتضحياتهم الرائعة من أجل وطنهم وأمتهم - أنني أم البطل، وأم الشهيد.

-------------------------
للشاعر: مصطفى عكرمة ، شاعر عربي معاصر






هناك تعليق واحد:

  1. ارجوا ذكر إسم الشاعر صاحب القصيده

    ردحذف

هل أعجبك الموضوع ..؟ هل استفدت منه ..؟ هل تتفق أو تختلف مع محتواه من وجهة نظرك ..؟ ننتظر منك تعليقك هنا أسفل الموضوع