مفتاح الشخصية : آداب الفروسية



اتخذ العقاد مفتاح شخصية الإمام على - كرم الله وجهه - منطلقا للحديث عن الفروسية وآدابها ولخصها فى كلمة النخوة، التي كانت طبعاً له، وفطرة فٌطر عليها، وقد بلغت به غايتها، وما نقدمه لك فى هذا الموضوع إنما هو جزء مما كتبه العقاد فى هذا الشأن ..

"آداب الفروسية هي مفتاح هذه الشخصية النبيلة الذى يفيض منه كل مغلق، ويفسر منه كل ما احتاج تفسير، وآداب الفروسية هي تلك الآداب التي نلخصها فى كلمة واحدة هي: النخوة.
وقد كانت النخوة طبعاً فى (على) فطر عليه، وأدباً من آداب الاسر الهاشمية نشأ فيه، وعادة من عادات الفروسية العملية التي يتعودها كل فارس شجاع متغلب على الأقران، وإن لم يطبع عليها وينشأ فى حجرها؛ لأن للغلبة فى الشجاع أنفة تأبى عليه أن يٌسفّ إلى ما يٌخجله ويٌشينه، ولا تزال به حتى تعلمه النخوة تعلماً، وتمنعه أن يعمل فى السر ما يزرى به فى العلانية.

وهكذا كان على - رضى الله عنه - فى جميع أحواله وأعماله، بلغت به نخوة الفروسية غايتها المثلى، ولا سيما فى معاملة الضعفاء من الرجال والنساء، فلم ينس الشرف قط ليغتنم الفرصة، ولم يساوره الريب قط فى الشرف، والحق أنهما قائمان دائمان كأنهما مودعان فى طبائع الأشياء، فإذا صنع ما وجب عليه فلينس من شاءوا ما وجب عليهم، وإن أفادوا كثيرا، وبلى هو بالخسار.

أصاب المقتل من عدوه مرات، فلم يستغل الفرصة السانحة بين يديه؛ لأنه أراد أن يغلب عدوه غلبة الرجل الشجاع الشريف، ولم يرد أن يغلبه أو يقتص منه كيفما كان سبيل الغلب والقصاص".

التوضيح:

إن مفتاح شخصية الإمام على - رضى الله عنه - هو الفروسية، وآداب الفروسية تتلخص فى كلمة واحدة هي: النخوة
والنخوة طبع علىّ ، وفطرته التي فطر عليها، إنها عادة كل فارس شجاع متغلب على أقرانه ونظرائه، وشجاعته تأبى أن يدنو إلى فعل ما يشينه ويعيبه، ونخوته تمنعه أن يعمل فى السر ما لا يفعله فى العلن.

ولقد بلغت نخوة الفروسية به حتى غايتها، خاصة فى معاملته للضعفاء، ولم ينس الشرف لينتهز الفرصة، ولم يساوره الشك قط فى الشرف، فهو يفعل الواجب وإن باء هو بالخسار.
وأصاب المقتل من عدوه فلم ينتهز الفرصة للغلبة على عدوه، بل أراد أن تكون غلبة الرجل الشجاع الشريف، ولا أن يقتص منه بأي طريق يؤدى إلى الغلبة، بل أنه الشجاع الشريف صاحب النخوة فى معاملته لعدوه ونيله منه.

-----------------------
للكاتب: عباس محمود العقاد، ولد بمدينة أسوان، وفيها تلقى تعليمه الإبتدائى، واشتغل فى عدة وظائف حكومية، ثم ترك هذا النوع من الوظائف وتفرغ للحياة الادبية وكانت له اراء جريئة فى السياسة، وأسهم فى الحياة الفكرية فى مصر، ويعتبر موسوعة فكرية ثقافية، ومن أهم مؤلفاته (العبقريات)، وقد عاش ما بين 1889م - 1964م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل أعجبك الموضوع ..؟ هل استفدت منه ..؟ هل تتفق أو تختلف مع محتواه من وجهة نظرك ..؟ ننتظر منك تعليقك هنا أسفل الموضوع