كن نفسك !



في عالم يملأه أشخاص بأشكال و ألوان نقترب من أحدهم  و نبتعد عن آخر ، و قد تجبرنا الأقدار على التعامل مع أشخاص لا تطاق ،أو ننجذب لأصحاب الكاريزما ، نعمل في جماعة أو نعمل بشكل فردي . كلها أنماط و مواقف حياتية نمر بها جميعا. البعض يتشكل في كل موقف ليعجب الناس من حوله ، و البعض الآخر يحافظ على صورته و شخصيته التي كونها لنفسه و رسم حدودها ، سواء كانت تصرفاته تروق لمن حوله ، أو حتى ابتعد عنه الجميع و أصبح فردا وسط الزحام .

كن نفسك ! لا تخجل مما أنت عليه مهما كان الأمر ، فهذا أفضل لك .لا تحاول أن تتجمل أو تتصنع أمام الناس ما ليس فيك حتى تعجبهم . الانسان كقطعة قماش قابلة للتفصيل ، أيهما أفضل قطعة قماش تم قصها لتناسب شكلا معينا أم قطعة قماش يتم بعد كل فترة إعادة تفصيلها من جديد لتناسب الموقف ؟!! بالطبع هذه الأخيرة ستبلى سريعا ، و تنتقص من حجمها بشكل متتالي حتى نفقدها .


يقول [ ديل كارنيجي ] : "علمتني التجربة أن أسقط فورا من حسابي الأشخاص الذين يتظاهرون بغير ما هم في الحقيقة " . من الممكن أن يكذب أحدهم على الناس مرة أو أكثر إلا أنه حتما سينكشف يوما ما و تتجلي الحقيقة .

قد يتصنع البعض الهدوء ، و كذلك المجاملات الرقيقة ، إلا أن الأيام كفيلة بكشف بواطن الأمور حين يتجلي موقف يخرج الشبح المختفي داخل من أمامك ، لا تكن واحدا من هؤلاء ، فأجمل ما فيك هو أنك أنت ، فإما قبلك الناس بما أنت عليه أو رفضوك .

سنة الله في الناس هي الإختلاف ، ليس فقط اختلاف الرأي ، بل اختلاف الطباع أيضا ، فمن يعيب على أبي بكر أنه هين لين ، أو من يعيب على عمر شدته و قوته ، و من يعيب على علي حكمته و بلاغته ، أو من يعيب على عثمان حياءه و هدوءه .

مهما كانت الانتقادات الموجهة إليك من الناس ، فإن كنت لا تقتنع بما يقولون و تعرف جيدا أنك على الحق ، فامض في طريقك ، كن واضحا مع نفسك و مع الآخرين ، فمن تتصنع اليوم لترضيهم ، ينقلبون عليك غدا .

كان لي أحد الأصدقاء دوما قال عنه البقية أنه مثل الماء يتشكل و يتغير ، لا نستطيع أن نعرف طبيعته أو نضع أيدينا على حقيقته بشكل قاطع ، لا نريد أن نتهمه بما ليس فيه ، لكننا لا نأتمنه على أشياء كبيرة .

كما ترى فالناس يمكنها التفريق بين الشخص الواضح و الشخص الذي يتلون و يتغير ، و لا أريد أن أحصر المعنى فقط في شكل النفاق ، ففي بعض الأحيان قد يقوم الانسان بإخفاء شيء خجلا من أن يعرفه الناس .


هناك فتاة هي إبنة لأحد السائقين، تعلًمت هذا الدرس بعد مرورها بتجربة قاسية. إذ كانت تتوق لتصبح مطربة، لكن وجهها كان سبب تعاستها للأسف! ففمها عريض وأسنانها بارزة بقبح. وعندما غنّت أمام الجمهور لأول مرة في ناد ليلي حاولت أن تمطّ (تشد) شفتها العليا لإخفاء أسنانها البارزة، وحاولت أن تبدو جميلة بذلك، فما كانت النتيجة؟ جعلت نفسها تبدو سخيفة فشارفت على الفشل.

لكن كان هناك رجل يستمع إلى غنائها، فلاحظ أنها ذات موهبة، فقال لها: " لقد كنت أراقب أداءك، وعرفت ما الذي كنتِ تحاولين اخفاءه، أنت خجلة من أسنانك !". شعرت الفتاة بالحرج، لكن الرجل تابع حديثه: " فما الضير من ذلك؟ وهل هي جريمة اذا كانت أسنانكِ بارزة ؟ لا تحاولي إخفاءها! افتحي فمكِ وسيعجب بكِ الجمهور عندما يعرف أنكِ لستِ خجولة. هذا بالإضافة الى أن أسنانكِ البارزة التي تحاولين إخفائها لربّما جلبت لكِ الحظ!).

عمِلت كاس ديلي Cass Daley بنصيحته ونسيت كل شيء بشأن أسنانها. ومن ذلك الحين، بدأت تفكِّر بجمهورها فقط، فكانت تفتح فمها وتغنّي بسرور حتى أصبحت من ألمع نجوم السينما والاذاعة ويحاول الآن ممثلو الكوميديا تقليدها !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل أعجبك الموضوع ..؟ هل استفدت منه ..؟ هل تتفق أو تختلف مع محتواه من وجهة نظرك ..؟ ننتظر منك تعليقك هنا أسفل الموضوع